التنمية البشرية

مدخل الى الفكر الاستراتيجى

مدخل الى الفكر الاستراتيجى

العديد من العلوم المتعلقة بالإنسان لديها فرضية أو "مسلّمة" وهي ادعاء الفهم و الإدراك لظاهرة ما أكثر من هؤلاء الذين يعيشونها و الإستراتيجية هي إحدى هذه العلوم الإنسانية التي تؤمن بهذه الفرضية إنها تحاول أن تكون علما شاملا يقود جميع أنواع الصراعات ولكن مهما كان تعريفها أو اختلفنا فيه مع الآخرين فهي عمل "نبيل" لا يمارسه إلا نخبة من الناس لهم مستوى عال من المسؤولية و أهمها العلمية و المعرفية لقد طرأ على علم الإستراتيجية تحولات مختلفة وكثيرة فقد تحدث " هيربرت روزينسكي" في الماضي عن الإستراتيجية الفطرية "الغريزية" أما في العصر الحديث فقد تحول علم الإستراتيجية إلى مادة تدرس في الأكاديميات العسكرية وبهذا تكون قد تحولت الإستراتيجية إلى "علم الإستراتيجية" أو "الإستراتيجية العلمية".

هناك من يقارن الإستراتيجية بلعبة الشطرنج حيث نكون أمام معسكرين متعارضين هذان المعسكران لهما هدف واحد دفعهما إلى المنافسة وهو إرغام أو قسر الخصم مع العلم أنهما قبلا بوجود قاعدة للسلوك أو التصرف إنها "قاعدة اللعبة" أما الذي يتصرف بسرعة أكبر وبتفكير على المدى البعيد سيكون له الحظ الأوفر بالنصر. ونذكر هنا أن الكثير من الدراسات الإستراتيجية قارنت نابليون بونابرت بلاعب شطرنج. فهل بالفعل وبكل بساطة الإستراتيجية هي لعبة شطرنج؟ وكيف نستطيع القول أنها كذلك مع العلم أن لاعب الشطرنج يفكر دائما بشكل افتراضي وليس مادي!

أيضا هل يمكننا أن نختزل الإستراتيجية أو تطبيقاتها إلى منافسة بين إرادة فردين أو شخصين؟وهنا نقول أن الإستراتيجية لا توضع أو تطبق لوحدها أما الزعماء و حتى مدراء الشركات فهم لا يمارسون الإستراتيجية بأنفسهم بل يكتفون بتوجيه أو إعطاء الأوامر للآخرين ولكن فيما بعد هؤلاء الذين يخضعون للأوامر سيجدون أنفسهم لوحدهم في أماكن تطبيق الإستراتيجية بالتالي سيكون عليهم التصرف لوحدهم كما سيمتلكون مساحة اكبر للتصرف وحرية الحركة بعيد عن رؤسائهم أو مدراء هم طبعا هنا نجد الفصل بين من يخطط ومن ينفذ وهذا ما سنجده في مراحل لاحقة في التمييز بين الإستراتيجية العملية و الإستراتيجية النظرية.

إن الدلالة الأولى التي ترافق مفهوم الفعل الإستراتيجي أو المفهوم الذي يرتبط به هو " التوافق أو التلاؤم". فالإستراتيجية ليست شكلا بسيطا أو سهلا نتحدث عنه أو ننظِّر لهبل يجب أن تترافق مع الممارسة من قبل أشخاص مسئولين و أكْفَاء وفي اللغة الدارجة عندما نقول عن شيء أنه إستراتيجي فهذا يعني انه مهم أيضا بالنسبة لرجل السياسة أو لمدراء الشركات ومن شابههم في المسؤولية الإستراتيجي يعني المهم كما أننا نطلق هذه الصفة "إستراتيجي" على الأشياء التي لا تقدر بثمن أو بأهميتها.

أما الدلالة الثانية التي ترافق مفهوم الفعل الإستراتيجي فهي "المستقبل" حيث أن الإستراتيجية تنقل نظرنا إلى أبعد من اللحظة التي نعيشها أو الحاضرة إذا إنها وكما يقول بعض الاستراتيجيين كل ما يمنعنا من الخضوع إلى دكتاتورية اللحظة ولكن الإستراتيجية لا تختزل إلى فعل أو مخطط للتطبيق فالمخطط هو توقع أو عمل مسبق يجعل من الممكن القيام بالفعل مستقبلا أما الإستراتيجية فهي شكل من أشكال تخيل المستقبل بأكمله إذا وبعكس العمل الذي يقوم به الإداريون فالإستراتيجي هو من يملك رؤية كاملة وبعيدة.

مفهوم الإستراتيجية

يمكن أن تكون الإستراتيجية "فن" كما هي علم وذلك أثناء تطبيقها وممارستها عمليا في الاشتقاق الروسي وبشكل دقيق هناك تمييز مثلا في المجال العسكري بين النظرية العسكرية و العمل العسكري:"كل قطاع وكل مستوى في الحقل العسكري له هذين الجانبين النظري والعملي"إن كل نشاط أو فعل يكون مقادا من خلال القوانين و المبادئ و الطرائق، وهذا الفعل أو النشاط يقام أولا من خلال النظرية. ثم يأتي الفعل والممارسة ليزيد من غنى النظرية إذا في "التخطيط الإستراتيجي" لابد من معرفة الكثير نظريا من أجل الحصول على القليل عمليا.

إنها حقيقة أبدية يقول الإستراتيجي الصيني الشهير" Sun Zi":" إن الأكثر تميزا من القادة بيننا هم هؤلاء الأكثر حكمة و الأكثر استشرافا و رؤية" بعد عشرين قرنا من مقولته يأتي القانون العسكري الياباني متأثرا بشكل عميق بهذه المقولة و ليفرض على العسكريين " العسكر يجب أن يعرفوا في نفس الوقت الفنون و النظريات العسكرية" ثم يأتي "فريدريك الثاني " في أوربا ليؤكد أن "قراءة الأدب و الرسائل الجميلة هي ضرورية لهؤلاء الذين في الحياة العسكرية".

***

لواء . عادل عبد العليم 

 "مساعد وزير الداخلية - وكيل أول وزارة الاعلام " الاسبق


تواصل معنا

العنوان:
11 شارع الفضل بن ربيع متفرع من شارع البخارى، الحي السابع، مدينة نصر
تليفون وفاكس: 0020223852900 - 0020223852979

الادارة: 00201006767999
التدريب: 00201020074674
خدمة العملاء: 002001001843300
البريد الالكتروني: info@al-mhrosa.com